قال الأصمعي هو الموضع الذي كانت به الخيل التي سخرها الله لإسماعيل عليه السلام وقال ابن إسحاق لما وقعت الحرب بين الحارث بن مضاض الجرزهمي وبين السميدع بن حوثر بالثاء المثلثة خرج ابن مضاض من قعيقعان فتقعقع سلاحه فسمي قعيقعان وخرج السميدع ومعه الخيل والرجال من أجياد فيقال إنه ما سمي أجياد أجياد ا إلا بخروج الخيل الجياد منه مع السميدع، وقال السهيلي وأما أجياد فلم يسم بأجياد الخيل كما ذكر ابن إسحاق لأن جياد الخيل لا يقال فيها أجياد وإنما أجياد جمع جيد، وذكر أصحاب الأخبار أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة فسمي ذلك الموضع بأجياد لذلك قال وكذا ذكر ابن إسحاق في غير كتاب السيرة. قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف الكتاب قد كتبنا قليلا من كثير مما حكي من هذا الباب وههنا اختلاف وتخليط لا يقف عند حد غير ما ذكرنا لا يكاد ذو تحصيل يسكن إليه ولا ذو رأي يعول عليه وإنما هي أشياء تكلم بها القصاص للتهويل على العامة على حسب عقولهم لا مستند لها من عقل ولا نقل وليس في هذا ما يعتمد عليه إلا خبر رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ وهو ما أخبرنا به حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة أبو علي المكبر البغداي إذ قال أخبرنا أبو الق اسم هبة الله بن الحصين قال حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب قال حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قراءة عليه فاقرأ به في سنة ست وستين وثلاثمائة قاك حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ﷺ قال حدثنا أبي حدثنا شريح حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال بينما نحن عند رسول الله ﷺ إذا مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه فوقكم قلنا الله ورسوله أعلم.
كان مولد المتنبي بالكوفة سنة ست وثلاثمائة، ونشأ بالشام بالبادية فطلب الأدب ففاق أهل زمانه فيه، ولزم جناب سيف الدولة بن حمدان وامتدحه وحظي عنده، ثم صار إلى مصر وامتدح الأخشيد ثم هجاه وهرب منه، وورد بغداد فامتدح بعض أهلها، وقدم الكوفة ومدح ابن العميد فوصله من جهته ثلاثون ألف دينار، ثم سار إلى فارس فامتدح عضد الدولة بن بويه فأطلق له أموالا جزيلة تقارب مائتي ألف درهم، وقيل: ورشة المنيوم الرياض بل حصل له منه نحو من ثلاثين ألف دينار، ثم دس إليه من يسأله أيما أحسن عطايا عضد الدولة بن بويه أو عطايا سيف الدولة بن حمدان؟ ثم ولي نيابة الديار المصرية للمعتز فدخلها يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين، فأحسن إلى أهلها وأنفق فيهم من بيت المال ومن الصدقات، واستغل الديار المصرية في بعض السنين أربعة آلاف ألف دينار، وبنى بها الجامع، غرم عليه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، وفرغ منه في سنة سبع وخمسين، وقيل: ورشة المنيوم الرياض في سنة ست وستين ومائتين، وكانت له مائدة في كل يوم يحضرها الخاص والعام، وكان يتصدق من خالص ماله في كل شهر بألف دينار. ودخل يحيى بن عمر قبل ذلك في طائفة من أصحابه إلى الكوفة، فاحتوى على بيت مالها فلم يجد فيه سوى ألفي دينار وسبعين ألف درهم، وظهر أمره بالكوفة وفتح السجنين وأطلق من فيهما، وأخرج نواب الخليفة منها وأخذ أموالهم واستحوذ عليها، واستحكم أمره بها، والتف عليه خلق من الزيدية وغيرهم، ثم خرج من الكوفة إلى سوادها ثم كر راجعا إليها.
وقد كانت له همم عالية، وآثار سامية، وغزوات في المشارق والمغارب متوالية، وكان له من المتاع والضياع ما قيمته عشرة آلاف ألف دينار. وذلك أنه أصابته فاقة شديدة، فدخل سامرا فسأل وصيفا أن يجري عليه رزقا، فأغلظ له القول. الإيوان: سعر متر المنيوم سرايا اخره نون. وهو إيوان كسرى، قال النحويون الهمزة في إيوان أصل غير زائدة ولو كانت زائدة لوجب إدغام الياء في الواو وقلبها إلى الياء كما في أيام فلما ظهرت الياء ولم تدغم دل على أن الياء عين وأن الفاء همزة وقلبت ياء لكسرة الغاء وكراهية التضعيف كما قلبت في ديوان وقيراط وكما أن الدال والقاف فاآن والياءين عينان كذلك التي في إيوان، وإيوان كسرى الذي بالمدائن مدائن كسرى زعموا أنه تعاون على بنائه عدة ملوك، وهو من أعظم الأبنية وأعلاها رأيته وقد بقي منه طاق الإيوان حسب وهو مبني بآجر طول كل آجرة نحو ذراع في عرض أقل من شبر وهو عظيم جدا. وفي يوم عرفة منها ظهر بالري أحمد بن عيسى بن حسين الصغير بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وإدريس بن موسى بن عبد الله بن موسى بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، فصلى بالناس يوم العيد أحمد بن عيسى هذا ودعا إلى الرضى من آل محمد، فحاربه محمد بن علي بن طاهر فهزمه أحمد بن عيسى هذا واستفحل أمره.
وفيها وثب أهل حمص على عاملهم الفضل بن قارن فقتلوه في رجب، فوجه المستعين إليهم موسى بن بغا الكبير فاقتتلوا بأرض الرستن فهزمهم، وقتل جماعة من أهلها وأحرق أماكن كثيرة منها، وأسر أشراف أهلها وفيها وثبت الشاكرية والجند في أرض فارس على عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، فهرب منهم فانتهبوا داره وقتلوا محمد بن الحسن بن قارن. ولما رجع إلى بغداد ما نعته الديلم من الدخول إليها، حتى يعطيهم رسم البيعة وجرت بينهم خطوب طويلة، ثم رضوا عنه ودخل بغداد، وكانت مدة هربه إلى أرض البطيحة ثلاث سنين. كورة كبيرة من نواحي نيسابور قصبتها فرهاذجرد أول حدودها مرج الفضاء إلى حد زوزن والبوزجان وهي ثلاث وثمانون قرية لها ذكر في خبر عبد الله بن عامر بن كريز أنه نزلها في عسكره فأدركهم الشتاء فعادوا إلى نيسابور. قال ابن خلكان: وقد رحل إلى الديار المصرية فأكرمه الوزير أبو الفضل جعفر بن خُنزابة وزير كافور الأخشيدي، وساعده هو والحافظ عبد الغني على إكمال مسنده، وحصل للدارقطني منه مال جزيل. وفيها غضب الخليفة على جعفر بن عبد الواحد ونفاه إلى البصرة. ووقعت فتنة عظيمة ببغداد في أول يوم من صفر منها، وذلك أن العامة كرهوا جماعة من الأمراء، الذين قد تغلبوا على أمر الخلافة، وقتلوا المتوكل واستضعفوا المنتصر والمستعين بعده، فنهضوا إلى السجن، فأخرجوا من كان فيه، وجاؤوا إلى أحد الجسرين فقطعوه، وضربوا الآخر بالنار، وأحرقوا، ونادوا بالنفير، فاجتمع خلق كثير وجم غفير، ونهبوا أماكن متعددة، وذلك بالجانب الشرقي من بغداد.